تعريف بالدكتور محمد صالح ايلا ،،،،(والارواح جنود مجندة ماتعارف منها ااتلف وماتباعد منها اختلف )
ولد ونشأ محمد طاهر ايلا بجبيت فهو ينتمي من جهة والده لقبيلة الاميراب (الموس حسيني)، ومن جهة الأم ينحدر من قبيلة القرعيب (الاب قاسماب) فهو هدندوي من الجهتين والهدندوة أكبر قبائل البجا، وكان ميلاده في العام 1951م من أسرة ميسورة الحال فوالده طاهر كان تاجراً وكان ثرياً وعرفت عنه مساهماته الكبيرة والمتواصلة في أعمال الخير والبر ودعم المشاريع الخدمية فيما كان يعرف في ذلك الوقت بمساهمات العون الذاتي، ولمحمد طاهر أيلا أربعة أخوة ثلاثة من جهة الأب وهم إبراهيم وموسى والمرحوم درير، وشقيقه عبد الله طاهر وله أخت واحدة من جهة الأب.
وهو متزوج من ابنة عمه الأخت غير الشقيقة للدكتور حامد محمد إبراهيم وله من الأبناء ثلاثة طاهر وإبراهيم وأسامة وخالد وابنة واحدة تدعى سمية وقد تزوج ابنه طاهر وابنته سمية وأنجبا، وإذا عدنا لمراحل الدراسة فقد درس محمد طاهر أيلا المرحلة الابتدائية بجبيت في الفترة من 1958م وحتى 1962م، والوسطى بسنكات في الفترة من 1962م وحتى 1966م
وزامله في هذه الفترة المهمة في حياة الشاب محمد طاهر أيلا صديقه محمد طاهر بانفير مدير الخطوط السودانية (سودان لاين) ببور تسودان، ويقول بانفير عن أيلا في هذه المرحلة إنه كان هادئ الطباع منفتح في علاقاته فلم يعرف عن أيلا الانطوائية أو الإنعزالية عن الآخرين، بل كان (شخصية علاقات عامة) ويقول بانفير عن ايلا إنه كان ذو نزعة متدينة وكان لأساتذتنا في تلك المرحلة دور مقدر في توجهنا الإسلامي.
وزامل أيلا في المرحلة الثانوية بمدرسة بورتسودان الحكومية في الفترة من 1966م إلى 1970م المهندس محمود نكسوب الذي قال لنا أن تلك الفترة شهدت نشاطاً وحراكاً في البيئة المدرسية، فقد كانت الثانويات في تلك الفترة تعج بالنشاط السياسي فأصبح للرجل نشاط تنظيمي واسع وسط كيان الحركة الإسلامية، وعن تلك الفترة من حياة ايلا يحدثنا الأستاذ عبد الله كنه وزير البيئة والسياحة بالولاية
ويقول:
” كنت وايلا وآخرين من زملائنا بمدرسة بورتسودان الحكومية الثانوية يضمنا كياناً باسم اتحاد الطلاب البجاويين والذي كان يستوعب كل أبناء البجا بمختلف ميولهم السياسية وكان في عضوية الاتحاد طلاب اليمين واليسار والوسط وكذلك كان بين عضوية الاتحاد من الطلاب البجا الذين ليس لهم توجه حزبي وقد عرفنا أيلا خلال تلك الحقبة متزناً رغم إنها فترة الشباب، ويفرض على الآخرين احترامه بأدبه الرفيع وأخلاقه السمحة، ولم نلاحظ عليه أي علامات للتطرف أو الغلو أو تشدد أو تعصب لمذهبه او لكيانه، وكان من أكثر الطلاب الذين بدت عليهم مظاهر الثراء وكان وضعه مستقراً وكان ذا عقلية اقتصادية وتجارية منذ تلك المرحلة المبكرة من عمره، فقد كان والده من أصحاب الأموال المعروفين).
تفوق وارادة
ويعود الأستاذ بانفير ليحدثنا عن صديقه الذي زامله في كلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم ويقول: (إن ايلا رغم إنه كان أكبر إخوته وتوفي أبوه وهو في الجامعة لم يصرفه فقد الأب واليتم والمسئوليات التي آلت إليه عن الدراسة كما يفعل الكثيرون، بل واصل تعليمه بتفوق، وقد عرف طوال سنوات دراسته بالتميز،وكان قد دخل الجامعة في الأساس بدرجات عالية.
وكان أكثر ما يميز محمد الهمة والحيوية والنظرة الثاقبة،
وكان ذا شخصية جادة ويدافع عن ارائه باستماتة وموضوعية وكان ينتمي في الجامعة لتيار الحركة الإسلامية وفي الديمقراطية الثالثة أوكل إلى محمد موقع رئيس المكتب السياسي للحركة الإسلامية بالبحر الأحمر أدار خلالها النشاط السياسي للتنظيم بقوة واقتدار وحنكة سياسية، وأضاف بانفير بأن اجتماعات الحركة تسيطر عليها الحرية في إبداء الآراء، ولم يكن أيلا يفرض على المكتب رأياً ولم نعرف عنه تسلطاً أو استكباراً أو انفراداً بالقرار بل كان يخدع لرأي المؤسسية والشورى ويقبل النصح، ويزيد أيضاً:
”أنه وإلى الآن ما زال محافظاً على ذات الصفات، والآن تحرص القيادات التاريخية في الحركة الإسلامية على التناصح مع الأخ ايلا بعد أن أصبح والياً للولاية، ولكن وفق الشروط والضوابط الشرعية والأخلاقية لمبدأ المناصحة”.
ثورة وطرد
ويقول عنه صديقه ورفيق دربه بروفيسور عوض حاج علي مدير جامعة النيلين: “إنني والأخ محمد طاهر أيلا تزاملنا في المرحلة الثانوية في العام 1967م وكان أيلا من مؤسسي الحركة الإسلامية بالمدرسة، وكانت تربطنا علائق أسرية وطيدة وراسخة، تطورت مع الأيام والزمن فعمنا أحمد باشا أطلق على أحد أبنائه اسم طاهر على اسم والد محمد، وعملنا سوياً في الحركة الإسلامية وتآخينا أخوة صادقة وكنا في العطلات والإجازات نسافر معاً لجبيت، ودخلنا جامعة الخرطوم وعملنا ضمن الاتجاه الإسلامي لجامعة الخرطوم
وكان أيلا من قيادات الكوادر الاسلامية في ثورة شعبان وبعد الثورة طُردونا من الداخلية وانتقلنا إلى السكن مع عيسى عمر عيسى في جامعة أم درمان الإسلامية في سكن خاص، وبعد التخرج عمل هو في هيئة الموانئ البحرية وعملت أنا استاذاً في الجامعة وبعثت لخارج السودان (لنيوكسل) في بريطانيا وكان يزورنا كل ما اتت به ظروف البحث والدراسة لبريطانيا، وعند ما بعث هو لجامعة (كاردف) لنيل الماجستير كنت أزوره أيضاً بحكم زيارتي العلمية والعملية لبريطانيا وكانت العلائق الخاصة بيننا تتنامى يوماً بعد يوم حتى أصبح بيننا كما بين الأشقاء وتزوج ايلا على ما اذكر في عام 1980م.
ويقول بروف عوض حاج علي: “إننا أيضاً كنا نتناصح وكانت المشورة قائمة بيننا وأذكر إنني نصحته بعد توقيع نيفاشا وذهاب وزارة الطرق والجسور للحركة الشعبية في قسمة السلطة، واستشارته قيادة الحركة الإسلامية والحزب في أن يذهب إلى وزارة اتحادية أخرى أو يذهب والياً للبحر الأحمر، نصحته حينها أن يختار تكليف الوالي على منصب وزير اتحادي رغم إن مغريات المناصب الاتحادية أكبر، وبالمقابل تتعدد وتتشعب مسئوليات ومهام الوالي فقبل أيلا التكليف في منصب والي البحر الأحمر وتصدى للمسئولية التاريخية بكل شجاعة وقوة.
جرأة وصلابة
ويمضي حاج علي في حديثه ويضيف أيضاً “عرفته طوال فترة صداقتنا بالقوة والجرأة والصلابة، وقد كان أيلا ذا علاقات اجتماعية واسعة من كل القوميات السودانية فمن أصدقائه محمد آدم الدومة،وسليمان هاشم، وعثمان الهادي إبراهيم، وهاشم سكوته ولكن تعدد وتنوع علاقاته لم يحول بينه وبين الانحياز لأهله ولعل الأمر الذي لا يقبل أيلا التفريط فيه مطلقاً هو قضية النهوض بأهله البجا وكانت اهتماماته الكبرى وما زالت محصورة في ترقية مرافق المياه والتعليم والصحة في الشرق واشتركنا سوياً في فتح ايجاد منح لطلاب البجا في الجامعات والمعاهد في الخرطوم.
ويرى بعض المقربين منه أن الرجل لديه وضعية متقدمة ورفيعة في الحركة الإسلامية، بفعل مجاهداته ونشاطه التنظيمي والتنفيذي، ويضيفون إن أيلا ذا نزعة إنسانية حتى عند ألد خصومه، فرغم أنه مقاتل شرس عن رأيه ومبادئه وينافح ويدافع عن قضاياه وقضايا أهله إلا أنه طيب القلب ولا يعرف الفجور في الخصومة.
رجل رياضي
ويضيف أحد المقربين منه عن جوانبه الأخرى، بأن الرجل رياضي من الطراز الأول ويهمس لنا بأن أيلا (إتحادابي) قح رغم أنه يميل لكل الأندية البورتسودانية، داعماً ومؤازراً فقد شغل موقع أمين المال بالنادي، وكان وما زال شديد الترابط مع أسرة النادي والمجتمع الرياض بأثره ببور تسودان.
ويشير همد عبد الله (القيادي بالمؤتمر الوطني) إلى أن المرحوم محمد عثمان حامد كرار حاكم الإقليم الشرقي إبان الديمقراطية الثالثة قال لهم إنني سأولي منصب وزير المالية بالإقليم لمحمد طاهر أيلا لما عرف عنه من قدرات أكاديمية وعفة يد ونزاهة كما إن لمحمد طاهر أيلا والحديث لهمد عبد الله موقف سياسي عظيم إبان الضربة التي تعرضت لها مدرسة (عدوبنا) بالطائرات الإثيوبية فقد قذفت (عدوبنا) بقنابل عنقودية وكان ذلك في عام 1987م وكان سبب الضربة اتهامات إثيوبية بتدريب وتخريج كوادر بمدرسة (عدوبنا) الوسطى ترفد بها جبهة التحرير الارترية، فجاء أيلا على رأس وفد من الجبهة الإسلامية القومية وزار المتضررين بالضربة في الأودية والخيران والسيول وكان لمجيء وفده الأثر الطيب في نفوس أهل المنطقة.
ولا شك أن أيلا يتمتع بشخصية كاريزمية وحنكة وتجربة سياسية ثرة، ويكفي أن الرجل عندما تسلم مقاليد الحكم بولاية البحر الأحمر كان متحمساً لإنجاز كثير من المشروعات بوقت وجيز، ولكنه كان يعمل في ظل خارطة زمنية محددة باتفاقيات ودستور ويواجه كثيراً من الضغوط داخلية وخارجية يُضاف إلى كل ذلك إلتزامات الولاية تجاه تطبيق عدد من الإتفاقيات، فقاد ثورة عمرانية وتنموية بالولاية جعلتها محل نظر من الكثيرين، وفي عهده شهدت ولاية البحر الأحمر أشهر متاعبها التاريخية فلقد حدث استقرار في الإمداد الكهربائي بعد وصول كهرباء سد مروي إلى البحر الأحمر عبر مسيرة مضنية،
كما أسند أمر إمدادها بمياه النيل لشركة صينية، مما يجعل النيل يشق قريباً تلال البحر الأحمر.
ويذهب معظم من زار بورتسودان إلى أن أيلا تمكن في فترة قليلة أن يحدث ثورة عمرانية وحضارية هائلة، وتكمن عبقرية هذه النهضة التي اضطلع بها أيلا في أنها صنعت بقليل من المال وكثير من الخيال،
ويصف البعض سر نجاحه في أنه يشرف على العمل مباشرة، فهو يقود سيارته بنفسه ويتنقل مع (تانكر المياه) الذي يسقي أحزمة شجر المدينة،(شجرة شجرة)، بمعنى أن السيد إيلا لا يتحرك من الشجرة إلاّ بعد أن يتأكد أنها قد أخذت حصتها كاملة من المياه وهذا مؤشر على أن الرجل لا يعتمد على التقارير، وهو يتحول إلى(جنايني وعامل ومقاول ومشرف)، وهذا يحدث في ولاية تشكو أصلاً من شح المياه، وكان بإمكان إيلا أن يصنع أي شيء إلاّ (الأحزمة الخضراء)، لكنه صنع أي شيء حتى الأحزمة الخضراء شيء يحسده عليه ولاة الولايات التي ترقد على النيل والأنهر، ويبدو أن أيلا يعمل وفقاً للمثل القائل (إن كان لك قرشان فاشترِ بالأول خبزاً، وبالثاني زهرة).
وفي كل الأحوال يمكن القول أن ايلا في مسيرته قد عارضه من عارضه وإتفق معه من إتفق ولكنه ظل يسير وفق برنامج محدد كقطار سكة حديد لا يوقفه إلا بلوغ المحطة.
إحتشد مواطنو ولاية البحر الأحمر لمتابعة نشرة العاشرة مساءً بتلفزيون السودان، فقد كانت تلك النشرة استثنائية وهي تحمل قرارات جمهورية بتعيين ولاة الولايات الشمالية في أعقاب التشكيل الحكومي الذي رافق توقيع اتفاقية السلام، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية. وعندما أذيع قرار أن محمد طاهر ايلا هو والي البحر الأحمر، بدا القرار مفاجئاً ومدهشاً لكثيرين، ولكن الرجل جعل المفاجأة والدهشة التي بدأ بها عهده هي الانطباع الأول لكل زائر لولاية البحر الأحمر.
يذكر انه نال ثقة حزب المؤتمر الوطني مؤخرا كمرشح له لمنصب والي البحر الاحمر ..