تسرّبت بعض الأنباء خلال الأيام الماضية عن تعرُّض الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع لوعكةٍ صحيةٍ تطلّبت نقله ( عاجلاً ) إلى المملكة العربية السعودية.. وأكد أكثر من مصدر مقرّب منه أنّ الوعكة خفيفة وناتجة عن الإرهاق المتواصل في العمل.. وبالطبع يسعد كل سوداني أن تكون صحة وزيرالدفاع في أكمل عافية خاصة في هذا الظرف الوطني ( المتوعّك ) . ولكن !! نقل وزير الدفاع للعلاج في الخارج وبمثل هذه السرعة .. ولوعكةٍ وُصفت بأنها خفيفة .. ألا يكشف حال مستشفياتنا في الداخل .. خاصة أن وزير الدفاع تحت يديه مؤسسة طبية ضخمة في السلاح الطبي .. وافتتح فيها قبل فترة قليلة جناحاً رئاسياً فخماً خاصاً .. ولديها عشرات المستشفيات المنتشرة في أنحاء السودان .. وقبلها حينما كان وزيراً للداخلية تبنى مستشفيات الشرطة في ساهرون وغيرها .. وأنفقت الدولة أموالاً ضخمة في التأهيل الطبي للمؤسسات الطبية التي تتبع للمؤسستين النظاميتين .. الجيش والشرطة . إذا كانت كل هذه المؤسسات الطبية .. بكل المليارات التي أُنفقت فيها .. وبكل الكوادر الطبية التي (نظّمت) وانتسبت إليها لا تستطيع علاج وزير الدفاع ومن وعكةٍ خفيفة فما الفائدة من وجودها .. ولماذا أصلاً نُنفق أموالاً ضخمة من حر مال شعب فقير مُدْقعٍ .. لبناء مؤسسات طبية لا تصلح عند الحاجة للعلاج .. حتى ولو كان المريض في أهمية وزير الدفاع .. فضلاً أن يكون مواطناً عادياً لا يستحق أن تُعلن له حالة الطوارئ في أي مستشفى. هذا جرس إنذارٍ خطير يُعلن القلق الكبير.. ليس على صحة وزير الدفاع؛ بل على صحة بلادنا كلها .. فالواقع أن أكثر من 99% من شعب السودان لايستطيعون السفر للعلاج في الخارج .. وأكثر من 99% من سكان الولايات المتخمة بالفقر لايستطيعون حتى مجرد السفر من ولاياتهم لتلقي العلاج في العاصمة الخرطوم.. ألا يبعث هذا الإحساس بالقلق والخطر على شعب مترعٍ بكل ما يجلب المرض .. شعب أنشبت فيه الأمراض المستحدثة أنيابها بسبب تردي البيئة والغذاء والماء. كم نُنفق من ميزانية الدولة ومن أموال دافعي الضرائب على الصحة ومستشفياتها وكوادرها و توابعها الأخرى.. وكم نتلقى عائداً من هذا الإنفاق .. من المسوؤل عن انحطاطنا الطبي الذي يجعلنا لا نستطيع في كل مستشفيات بلادنا أنْ نُعالج وزير الدفاع من وعكةٍ صحية خفيفة .. الصحة هي البند الأصعب في حتميات أي مواطن.. لا يمكن تخزينها مثل الغذاء .. ولا الاستعاضة عنها ببديل مثل الكهرباء .. ولا الاستغناء عنها مثل الخبز.. فكيف يعيش السودانيون في بلد بكل ما ينفقه في مؤسسات الصحة وكوادرها لايستطيع علاج رجل في مقام وزير الدفاع ومن مجرد وعكة صحية خفيفة.. ألا يجدر أنْ نسأل أنفسنا بكل صدق.. هل نحن في حاجة لـوزارة صحة ؟
عثمان ميرغني ـ صحيفة التيار[b]